التسخُّط
من أخطر معاصي القلوب التي قد تُعيقك عن السير في طريقك إلى الله عزَّ
وجلَّ، فتتعثري وتنظري للحياة نظرة متشائمة تمنعك من إكمال المسير ..
يقول ابن القيم "فأكثر
الخلق، بل كلهم إلا مَن شاء الله يظنون باللهِ غيرَ الحقِّ ظنَّ
السَّوْءِ، فإن غالبَ بنى آدم يعتقد أنه مبخوسُ الحق، ناقصُ الحظ وأنه
يستحق فوقَ ما أعطاهُ اللهُ، ولِسان حاله يقول: ظلمنى ربِّى، ومنعنى ما
أستحقُه، ونفسُه تشهدُ عليه بذلك، وهو بلسانه يُنكره ولا يتجاسرُ على
التصريح به، ومَن فتَّش نفسَه، وتغلغل فى معرفة دفائِنها وطواياها، رأى ذلك
فيها كامِناً كُمونَ النار فى الزِّناد ..
فاقدح زنادَ مَن شئت يُنبئك شَرَارُه عما فى زِناده .. ولو
فتَّشت مَن فتشته، لرأيت عنده تعتُّباً على القدر وملامة له، واقتراحاً
عليه خلاف ما جرى به، وأنه كان ينبغى أن يكون كذا وكذا، فمستقِلٌ ومستكثِر
..
وفَتِّشْ نفسَك هل أنت سالم مِن ذلك؟
فَإنْ تَنجُ مِنْهَا تنج مِنْ ذِى عَظِيمَةٍ ... وَإلاَّ فَإنِّى لاَ إخَالُكَ نَاجِيَاً"
[زاد المعاد (3:253)]
فلو نظر كل واحدٍ منا لوجد آثـــار التسخُّط كامنة في أعماق قلبه ..
مظاهر التسخُّط
((اختبــار القلوب لكشف العيـــوب))
بنــا نضع قلوبنا تحت المجهر؛ لنبحث عن تلك الآفة الخفية ونكتشف مظاهرها بداخلنا ..
هل يمر على قلبك أوقات يتسائل فيها "لماذا يا ربِّ؟!" .. اعتراضًا على ما قد يعتريه من أقدار؛ كتأخر الرزق أو الزواج، أو عدم التوفيق لفعل الطاعات أو أي تعثر يقابلك في الطريق؟!
هل تعترضين على بعض أحكام الشرع التي يعجز عقلك عن فهم الحكمة منها؟! .. كأن تقولي بلسان حالك: لِمَ حَرَّم الشرع عمليات التجميل؟! .. لماذا ظلم الإسلام المرأة وفضَّل عليها الرجل؟!
وهل تُكْثِرين الشكوى من شدة الابتلاءات؟ .. أو تشعرين بعدم الرضا؛ إذا رأيتي ابتلاءات غيرك؟! ..
وهل تعيشين الضنك في بيتك؛ لأنكِ تنظرين إلى ما أنعم الله به على أخواتك وتتحسرين على أن تلك النعم ليست لكِ؟!
فكل ما سبق من مظاهر التسخُّط الذي هو نوع من الاعتراض الخفي على قدر الله سبحانه وتعالى،
وفي الغالب يُصاحبه حسد أو جحود وكفران،،